93
میراث قرآنی ابان بن تغلب(141ق)

کَيلَ بَعيرٍ ذلِکَ کَيلٌ يَسيرٌ).۱ قالَ: يَعقوبُ: قَد عَلِمتُم أنَّ ابنَ يامينَ أحَبُّكُم إلَیَّ بَعدَ أخيكُم يوسُفَ، و بِهِ أُنسی و إلَيهِ سُكونی مِن بَينِ جَماعَتِكُم، فَ(لَن أُرسِلَهُ مَعَكُم حَتّى تُؤتونِ مَوثِقاً مِنَ اللّٰه لَتاتُنَّنی بِهِ إلّا أن يُحاطَ بِكُم).۲ فَضَمِنَهُ يَهودا، فَخَرَجوا حَتّى وَرَدوا مِصرَ، فَدَخَلوا عَلى يوسُفَ علیه السلام فَقالَ لَهُم: هَل بَلَّغتُم رِسالَتی؟ قالوا: نَعَم، و قَد جِئناکَ بِجَوابِها مَعَ هَذا الغُلامِ، فَسَلهُ عَمّا بَدا لَکَ. قالَ لَهُ يوسُفُ: بِما أرسَلَکَ أبوکَ إلَیَّ يا غُلامُ؟ قالَ: أرسَلَنی إلَيکَ يُقرِئُکَ السَّلامَ و يَقولُ: إنَّکَ أرسَلتَ إلَیَّ تَسألُنی عن حُزنی و عن سُرعَةِ الشَّيبِ إلَیَّ قَبلَ أوانِ المَشيبِ و عن بُكائی و ذَهابِ بَصَری، فَإنَّ أشَدَّ النّاسِ حُزناً و خَوفاً أذکَرُهُم لِلمَعادِ، و إنَّما أسرَعَ الشَّيبُ إلَیَّ قَبلَ أوانِ المَشيبِ لِذِكرِ يَومِ القيامَةِ، و أبكانی و بَيَّضَ عَينیَ الحُزنُ عَلى حَبيبی يوسُفَ، و قَد بَلَغَنی حُزنُکَ بِحُزنی و اهتِمامُکَ بِأمری، فَكانَ اللّٰه لَکَ جازياً و مُثيباً، و إنَّکَ لَن تَصِلَنی بِشَی‏ءٍ أنا أشَدُّ فَرَحاً بِهِ مِن أن تُعَجِّلَ عَلَیَّ وَلَدی ابنَ يامينَ، فَإنَّهُ أحَبُّ أولادی إلَیَّ بَعدَ يوسُفَ، فَأونِسَ بِهِ وَحشَتی و أصِلَ بِهِ وَحدَتی، و تُعَجِّلَ عَلَیَّ بِما أستَعينُ بِهِ عَلى عيالی. فَلَمّا قالَ هَذا خَنَقَت يوسُفَ علیه السلام العَبرَةُ و لَم يَصبِر حَتّى قامَ فَدَخَلَ البَيتَ و بَكى ساعَةً، ثُمَّ خَرَجَ إلَيهِم و أمَرَ لَهُم بِطَعامٍ و قالَ: ليجلِس كُلُّ بَنی أُمٍّ عَلى مائِدَةٍ. فَجَلَسوا و بَقیَ ابنُ يامينَ قائِماً، فَقالَ لَهُ يوسُفُ: ما لَکَ لَم تَجلِس؟ فَقالَ لَهُ: لَيسَ لی فيهِم ابنُ أُمٍّ، فَقالَ لَهُ يوسُفُ: أفَما كانَ لَکَ ابنُ أُمٍّ؟ فَقالَ لَهُ ابنُ يامينَ: بَلى، فَقالَ لَهُ يوسُفُ: فَما فَعَلَ؟ قالَ: زَعَمَ هَؤُلاءِ أنَّ الذِّئبَ أکَلَهُ، قالَ: فَما بَلَغَ مِن حُزنِکَ عَلَيهِ؟ قالَ: وُلِدَ لی اثنا عَشَرَ ابناً كُلُّهُمُ أشتَقُّ لَهُ اسماً مِنِ اسمِهِ، فَقالَ لَهُ يوسُفُ علیه السلام: أراکَ قَد عانَقتَ النِّساءَ و شَمَمتَ الوَلَدَ مِن بَعدِهِ! فَقالَ لَهُ ابنُ يامينَ: إنَّ لی أباً صالِحاً و إنَّهُ قالَ: لی: تَزَوَّج لَعَلَّ اللّٰه عَزَّ و جَلَّ يُخرِجُ مِنکَ ذُرّيةً يُثقِلُ الأرضَ بِالتَّسبيحِ، فَقالَ لَهُ يوسُفُ: تَعالَ فَاجلِس عَلى مائِدَتی. فَقالَ إخوَةُ يوسُفَ: لَقَد فَضَّلَ اللّٰه يوسُفَ و أخاهُ حَتّى إنَّ المَلِکَ قَد أجلَسَهُ مَعَهُ عَلى مائِدَتِهِ. فَأمَرَ يوسُفُ أن يُجعَلَ صواعُ المَلِکِ فی رَحلِ ابنِ يامينَ، فَلَمّا تَجَهَّزوا (أذَّنَ مُؤَذِّنٌ أيَّتُها العيرُ إنَّكُم لَسارِقونَ * قالوا و أقبَلوا عَلَيهِم ما ذا تَفقِدونَ * قالوا نَفقِدُ صواعَ المَلِکِ و لِمَن جاءَ بِهِ حِملُ بَعيرٍ و أنا بِهِ زَعيمٌ * قالوا تاللّٰهِ لَقَد

1.. سورۀ یوسف، آیۀ ۶۵.

2.. سورۀ یوسف، آیۀ ۶۶.


میراث قرآنی ابان بن تغلب(141ق)
92

اللّٰهِ و ابنُ أنبيائِهِ و إنَّهُ لَمَحزونٌ. قالَ لَهُم يوسُفُ علیه السلام: فَمِمّا حُزنُهُ و هوَ نَبیُّ اللّٰهِ و ابنُ أنبيائِهِ و الجَنَّةُ مأواهُ و هوَ يَنظُرُ إلَيكُم فی مِثْلٍ عَدَدِكُم و قوَّتِكُم، فَلَعَلَّ حُزنَهُ إنَّما هوَ مِن قِبَلِ سَفَهِكُم و جَهلِكُم و کَذِبِكُم و کَيدِكُم و مَكرِكُم. قالوا: أيُّها المَلِکُ، لَسنا بِجُهّالٍ و لا سُفَهاءَ و لا أتاهُ الحُزنُ مِن قِبَلِنا، و لَكِن كانَ لَهُ ابنٌ كانَ أصغَرَنا سِنّاً يُقالُ لَهُ يوسُفُ، فَخَرَجَ مَعَنا إلى الصَّيدِ فَأکَلَهُ الذِّئبُ، فَلَم يَزَل بَعدَهُ کَئيباً حَزيناً باكياً. فَقالَ لَهُم يوسُفُ علیه السلام: كُلُّكُم مِن أبٍ واحِدٍ؟ قالوا: أبونا واحِدٌ و أُمَّهاتُنا شَتّى، قالَ: فَما حَمَلَ أباكُم عَلى أن سَرَّحَكُم كُلَّكُم؟ ألّا حَبَسَ مِنكُم واحِداً يأنَسُ بِهِ و يَستَريحُ إلَيهِ؟ قالوا: قَد فَعَلَ، قَد حَبَسَ مِنّا واحِداً هوَ أصغَرُنا سِنّاً، قالَ: و لِمَ اختارَهُ لِنَفسِهِ مِن بَينِكُم؟ قالوا: لِأنَّهُ أحَبُّ أولادِهِ إلَيهِ بَعدَ يوسُفَ. فَقالَ لَهُم يوسُفُ علیه السلام: إنّی أحبِسُ مِنكُم واحِداً يَكونُ عِندی و ارجِعوا إلى أبيكُم و أقرِؤوهُ مِنّی السَّلامَ و قولوا لَهُ يُرسِل إلَیَّ بِابنِهِ الَّذی زَعَمتُم أنَّهُ حَبَسَهُ عِندَهُ ليخبِرَنی عن حُزنِهِ ما الَّذی أحزَنَهُ، و عن سُرعَةِ الشَّيبِ إلَيهِ قَبلَ أوانِ مَشيبِهِ، و عن بُكائِهِ و ذَهابِ بَصَرِهِ. فَلَمّا قالَ هَذا اقتَرَعوا بَينَهُم فَخَرَجَتِ القُرعَةُ عَلى شَمعونَ، فَأمَرَ بِهِ فَحُبِسَ. فَلَمّا وَدَّعوا شَمعونَ قالَ لَهُم: يا أخوَتاه انظُروا ماذا وَقَعتُ فيهِ، و أقرِؤوا والِدی مِنّی السَّلامَ. فَوَدَّعوهُ و ساروا حَتّى وَرَدوا الشّامَ، و دَخَلوا عَلى يَعقوبَ علیه السلام و سَلَّموا عَلَيهِ سَلاماً ضَعيفاً، فَقالَ لَهُم: يا بَنیَّ! ما لَكُم تُسَلِّمونَ سَلاماً ضَعيفاً؟ و ما لی لا أسمَعُ فيكُم صَوتَ خَليلی شَمعونَ؟ قالوا: يا أبانا، إنّا جِئناکَ مِن عِندِ أعظَمِ النّاسِ مُلكاً لَم يَرَ النّاسُ مِثلَهُ حُكماً و عِلماً و خُشوعاً و سَكينَةً و وَقاراً، و لَئِن كانَ لَکَ شَبيهٌ إنَّهُ لَشَبيهُکَ، و لَكِنّا أهلُ بَيتٍ خُلِقنا لِلبَلاءِ، اتَّهَمَنا المَلِکُ و زَعَمَ أنَّهُ لا يُصَدِّقُنا حَتّى تُرسِلَ مَعَنا ابن يامينَ بِرِسالَةٍ مِنکَ يُخبِرُهُ عن حُزنِکَ و عن سُرعَةِ الشَّيبِ إلَيکَ قَبلَ أوانِ المَشيبِ، و عن بُكائِکَ و ذَهابِ بَصَرِکَ. فَظَنَّ يَعقوبُ أنَّ ذَلِکَ مَكرٌ مِنهُم، فَقالَ لَهُم: يا بَنیَّ، بِئسَ العادَةُ عادَتُكُم! كُلَّما خَرَجتُم فی وَجهٍ نَقَصَ مِنكُم واحِدٌ، لا أُرسِلُهُ مَعَكُم. ف(لَمّا فَتَحوا مَتاعَهُم وَجَدوا بِضاعَتَهُم رُدَّت إلَيهِم)،۱بغَيرِ عِلمٍ مِنهُم، أقبَلوا إلى أبيهِم فَرِحينَ، قالوا: يا أبانا ما رأى النّاسُ مِثلَ هَذا المَلِکِ أشَدَّ اتِّقاءً لِلإثمِ مِنهُ، رَدَّ عَلَينا بِضاعَتَنا مَخافَةَ الإثمِ، و هیَ (بِضاعَتُنا رُدَّت إلَينا و نَميرُ أهلَنا و نَحفَظُ أخانا و نَزدادُ

1.. سورۀ یوسف، آیۀ ۶۵.

  • نام منبع :
    میراث قرآنی ابان بن تغلب(141ق)
    سایر پدیدآورندگان :
    محمد حسين مدني
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1394
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 18285
صفحه از 303
پرینت  ارسال به